لكل صفة من صفات الله أثر في قلب المؤمن .....
[color=green]]قد يظن بعض الجاهلين أن هناك صفات مما وصف الله بها نفسه، أو وصفه بها رسوله لا أثر لها في الإيمان ولا أهمية لذكرها أو استحضارها في القلب وسواء على المؤمن عرفها أم لم يعرفها، أنكرها أو أثبتها، وهذا قد يكون مرده الزندقة واتباع ما تقاولت به ن تسموا بالفلاسفة الذين وصفوا الله تعالى بصفات من عند أنفسهم وأنكروا وجحدوا ما وصف الله به نفسه وصفه به رسوله.
ولا شك أنه ليست هناك صفة لله في القرآن أو في السنة إلا وقد ساقها الله لحكمة ومنفعة وغاية ولولا ذلك لما ساقها ولما ذكرها لأن كلام الله وكلام رسوله ينزه عن العبث واللغو والحشو. ومن ظن أن الله يحشو كلامه بما لا فائدة في ذكره أو لا غاية من ورائه أو لا أهمية له فقد اتهم الله بالنقص واللغو وهذا يصدق في كل ما نكلم الله به في أي موضوع. فكيف إذا تكلم الله بكلام يعظم فيه نفسه، ويعرف فيه خلقه بذاته العلية وصفاته السنية. لا شك أن الله فيما يصف فيه نفسه إنما يرشدنا إلى أعظم باب من أبواب الإيمان وهو الإيمان به سبحانه وتعالى.
ولننظر إلى بعض الصفات التي قد يظن بعض الجهلة والجاحدين أنه لا أهمية لها أو لا يضر جهلها كما لا ينفع العلم بها:
أ- لا تأخذه سنة ولا نوم:
وصف الله نفسه في أعظم آية من القرآن كما جاء في حديث الصحيحين أنه لا تأخذه سنة ولا نوم فقال سبحانه {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} ولا شك أن نفي الله عن نفسه للنوم وللأقل منه وهو السنة دليل على قيوميته وكمال حياته، وعدم تطرق النقص والغفلة إليه كما قال تعالى أيضاً {لا يضل ربي ولا ينسى} وقال رسوله صلى الله عليه وسلم: [إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط وبرفعه..] الحديث. ولو قال قائل ما فائدة ذكر هذا في الآيات والأحاديث لقلنا أنه لبيان قيومية الله سبحانه وتعالى، وكمال حياته وعدم تطرق الخلل والنسيان والغفلة لذاته، والإيمان بذلك له أثره ولا شك في قلب المؤمن الذي ما أن يشهد لله بذلك حتى يعظم شأنه الله، ويعلم أنه مطلع على خفياته، سميع له في أي ساعة دعاه من ليل أو نهار، وأنه لا يغيب عنه سبحانه عمل عامل من خير وشر.. وهكذا.[/size]
ب- يد الله:
ومن الصفات التي جحدتها قلوب النفاة، وأنكرها الزنادقة قديماً، وصف الله نفسه سبحانه بأن له يدين وهذا ما قد مدح الله به نفسه في آيات كثيرة من كتابه وقد مدحه به النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة فمن الآيات قوله تعالى: {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير} وقوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون} وقوله تعالى مادحاً نفسه مبيناً فضله وتفضله على بني آدم إذ خلقه بيديه قال تعالى لإبليس {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} وكذلك لما اتهم اليهود الله سبحانه وتعالى بأنه بخيل وأنه لا ينفق فقالوا {يد الله مغلولة} رد الله سبحانه وتعالى عليهم قائلاً: {بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء}.
وقد جاءت الأحاديث الكثيرة التي تمدح الله بهذه الصفة وتبين كثرة عطاء الله وقدرته وعظمته من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: [قال الله عز وجل: أنفق أنفق عليك]، وقال صلى الله عليه وسلم: [يد الله ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار] وقال صلى الله عليه وسلم: [أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنها لم تغض ما في يده وكان عرشه على الماء، وبيده الميزان يخفض ويرفع] (متفق عليه).
وكل هذا بيان لعظيم عطاء الله وسعة فضله وأن يده الكريمة جل وعلا دائمة العطاء والإنفاق، ويشبه هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً: [ما تصدق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت ثمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله] (مسلم).
وفي هذا الحديث إثبات الكف، وبيان عظيم فضل الله سبحانه وتعالى وإحسانه وأنه يتقبل من العباد صدقاتهم وينميها لهم ويحاسبهم على النماء وينميها ولا شك أن هذا له تأثيره في قلب المؤمن من محبة الله ورضوانه.
وفي مجال قوة الله سبحانه وتعالى وجبروته وبطشه يقول صلى الله عليه وسلم: [إن الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السموات بيمينه ثم يقول: أنا الملك] (رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما)، وفي رواية أخرى [فيجعلهما في كفة ثم يرمي بهما كما يرمي الغلام بالكرة].
وفي هذا بيان لعظمة الله وكمال قدرته وأن السموات والأرض يوم القيامة تكون بيمينه.
وكذلك جاء في حديث عبدالله بن مسعود عن البخاري ومسلم أن يهودياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله يمسك السموات على إصبع، والأرض على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر على إصبع، والخلائق على إصبع ثم يقول أنا الملك. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه. ثم قرأ: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}.
ولا شك أن أثر الإيمان بهذه الصفة في قلب المؤمن عظيم لأنها تورث القلب المهابة لله والخوف منه وتعظيم أمره وشأنه، وأنه الملك الذي قهر الملوك، وأنه لا مفر من قبضته، ولا ملجأ منه إلا إليه.